close
منوعات

اتطلقت من زوجي رسميا وتزوجته عرفيا للحصول على معاش والدي فهل علي ذنب؟….الإفتاء يجيب

وأخرج الستة عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «السَّمعُ والطَّاعةُ على الـمَرءِ الـمُسلِمِ فيما أَحَبَّ وكَرِهَ ما لم يُؤمَر بمَعصِيةٍ، فإذا أُمِرَ بمَعصِيةٍ فلا سَمعَ ولا طاعةَ».

كما يشتمل هذا التصرف على تغليب المصلحة الفردية المتوهمة على مصلحة الجماعة المتحققة، والمصالح المتوهمة هي: “التي يُتَخَيَّل فيها صلاحٌ وخيرٌ، وهو عند التأمل ضرٌّ: إما لخفاء ضُرِّه.. وإما لكون الصلاح مغمورًا بفساد”، كما قال العلامة الطاهر ابن عاشور في “مقاصد الشريعة الإسلامية” (3/ 257، ط. أوقاف قطر).

وقد جاءت أحكام الشريعة بالموازنة بين مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة، ووضعت من القواعد ما يمنع التعارض بينهما، فبينت أن تصرف الفرد بحقه مقيدٌ بما لا يتعارض مع مصلحة الجماعة، فإذا تعارضا قُدمت المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، كما نص على ذلك العلامة الشاطبي في “الموافقات” (3/ 89، ط. دار ابن عفان)، ومن هنا أجاز الشرع للحاكم اتخاذ كافة الإجراءات التي تضمن تحقيق المصلحة العامة؛ إعمالًا لمقاصد الشرع، وتغليبًا لأمر العامة على الخاصة عند التعارض.

المحاذير القانونية فى التحايل بالزواج العرفي من أجل الحصول على المعاش

بالإضافة إلى أن الحصول على هذا المعاش دون وجه حق سيُعرِّض فاعل ذلك إلى المساءلة القانونية، والتي تجبره على دفع غرامة مالية نظير ما صرفه من مال لم يكن مستحقًّا له، وفي ذلك من الضرر ما لا يخفى؛ ومن المقرر في القواعد الفقهية أن “الضرر لا يُزال بالضرر”؛ كما قال الإمام السبكي في “الأشباه والنظائر” .

وقد نصت المادة رقم (166) من قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات الصادر بالقانون رقم 148 لسنة 2019م،

على أنه: [يعاقب بغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه كلُّ مَن حَصَلَ على أموال الهيئة بغير حقٍّ أو قام بإعطاء بيانات غير صحيحةٍ أو امتنع عن إعطاء بيانات مما يجب الإفصاح عنها وفقًا لأحكام هذا القانون أو القرارات أو اللوائح المنفذة له مع عِلمه بذلك، ويُعاقب بذات العقوبة كلُّ مَن تعمد عدم الوفاء بالمبالغ المستحقة للهيئة وفقًا لأحكام هذا القانون عن طريقِ إعطاء بيانات خاطئة أو إخفاء بيانات] اهـ.

– بالإضافة أيضًا إلى أن توثيق النكاح في حد ذاته واجبٌ حتميٌّ ومطلوبٌ شرعيٌّ ونظامٌ مُجتَمَعيٌّ؛ لأنه يدفع الشبهة وينفي التهمة، ويحفظ الحقوق، ويمنع الاحتيال؛ فهو “حجة في إثبات الصداق؛ وفي أنها زوجة له” كما قال الشيخ ابن تيمية الحنبلي في “مجموع الفتاوى” .

قال الشيخ حسنين مخلوف في “فتاويه” : [التوثيق لدَى المأذونِ أو الموظف المُختص نظامٌ أوجبتْه اللوائح والقوانين الخاصة بالمحاكم الشرعية؛ خشيةَ الجُحود، وحفظًا للحقوق] اهـ.

وهو ما جعل المُشرِّع المصري ينص على أنه: “لا تقبل عند الإنكار الدعاوى الناشئة عن عقد الزواج -في الوقائع اللاحقة على أول أغسطس سنة 1931م- ما لم يكن الزواج ثابتًا بوثيقة رسمية، ومع ذلك تُقْبَلُ دعوى التطليق أو الفسخ بحسب الأحوال دون غيرهما إذا كان الزواج ثابتًا بأية كتابة”؛ كما جاء في المادة رقم 17 من القانون رقم 1 لسنة 2000م.

حكم القيام بذلك بسبب الفقر وصعوبة تكاليف الحياة

إن قِيلَ: إنَّ بعض الأزواج يضطرون لمثل هذا التصرف بسبب ضيق أو تعسُّر حالتهم المادية مع صعوبة تكاليف الحياة.

قُلنـا: إنَّ هذا الأمر لا يُعَدُّ مسوِّغًا شرعيًّا للحصول على هذا المعاش، وهذه الضوائق المالية قد شُرِع لها العديد من وسائل علاجها، والتي منها ما يعود إلى صاحب الضيق نفسه؛ بأن يسعى بكامل طاقته إلى العمل وتحسين حالته المادية، وقد قيد الله تعالى حصول الرزق بالسعي؛ فقال: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ﴾ [الملك: 15].

ومنها ما يعود إلى تكاتف المجتمع ومساندة أفراده بعضِهم لبعض بالتزام أوامر الشرع بإخراج الزكاة والصدقات وتفقد أصحاب الحاجة وتوصيلها إليهم، وقد ساهمت الدولة في علاج ذلك بإنشاء العديد من المؤسسات والجمعيات الخيرية التي تسد حاجة من تتثبت من احتياجهم.

الصفحة السابقة 1 2 3 4 5 6 7

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى