طبول الحـ.ـرب تقرع.. إيران تتحدى روسيا في سوريا وتقف بوجهها وتوجه لها رسائل سياسية

بدت الاتفاقية العسكرية الموقعة أخيراً بين النظام وإيران متخمة بالرسائل السياسية الموجـ.ـهة للخصـ.ـوم والحلفاء. ولم تحـ.ـظَ الاتفاقية نفسـ.ـها بالاهتمام قدر ما حظيت به تصريحات المسؤولين التي صدرت بعد توقيعها، الأربعاء في دمشق.
الاتفاقية الأخيرة ليست الأولى من نوعها بين النظـ.ـامين السوري والإيراني، اللذين يرتبطـ.ـان باتفاقية دفـ.ـاع مشترك، تم توقيـ.ـعها كردّ على تهـ.ـديدات واشنطن القـ.ـوية للطـ.ـرفين عقب الاحـ.ـتلال الأمـ.ـيركي للعراق عام 2003،
وهي اللحظة التي يعتبرها البعض نقطة التحول الأولى في العـ.ـلاقات بين البلدين، حيث انتقـ.ـلت العلاقة من مرحلة التحـ.ـالف الندّي إلى مرحلة الهيـ.ـمنة الإيرانية على دمشق، والتي بلغـ.ـت ذروتها خلال الأعوام الأخيرة الماضية، بعد تدخل طـ.ـهران العسـ.ـكري إلى جانب النظام منذ العام 2011.
رسائل النظام
رسائل الاتفاقية بدت واضحة من تصـ.ـريحات وزير دفـ.ـاع النظام علي أيوب، الذي وقـ.ـع الاتفاقية عن الجانب السوري، وذلك من خلال تصريحاته في المؤتمر الصحـ.ـافي المشترك الذي جمعه مع رئيس أركان الجـ.ـيش الإيراني محمد باقري بعد التوقيع.
الرسالة الأولى والأبرز، كانت موجـ.ـهة إلى طـ.ـهران بالدرجة الأولى، وتحمل تأكيداً جديداً من النظام على التمـ.ـسك الذي لا يقبل الشـ.ـك بخيار التحـ.ـالف الاستراتيجي مع إيران، الذي كان قد بدأه حافظ الأسد منذ بداية الحـ.ـرب العراقية الإيرانية عام 1979، خـ.ـارقاً بذلك الإجماع القـ.ـومي العربي.
الرسالة الثانية كانت للأنظـ.ـمة العربية التي برّرت تقاربها مع النظـ.ـام مؤخراً بالسعي لإبعاده عن إيران، وهنا كان وزير دفـ.ـاع الأسد صريحاً ومباشراً في الرد على هذه الأنظـ.ـمة،
وعلى إسرائيل في الوقت نفسه التي طالبت النظام بالابتعاد عن إيران لضمان استمـ.ـراريته، إذ اعتبر أيوب أن “من يراهن على تخريب العلاقة بين دمشق وطهران واهمٌ، وعليه أن يستيـ.ـقظ من أحـ.ـلامه”.
رسالة النظام الثالثة كانت موجـ.ـهة لروسيا، حليفته الأخرى التي لا يبـ.ـدو أن العـ.ـلاقات بينه وبينها على أحسن ما يرام بالفعل، وتكشف انزعـ.ـاج النظـ.ـام من الضـ.ـغوط والتحـ.ـركات الروسية التي تمارسـ.ـها للدفع باتجـ.ـاه الدخول بعمـ.ـلية سـ.ـياسية
أكثر جدية مع المـ.ـعارضة، وعليه تبدو الاتـ.ـفاقية تتويج لرسـ.ـائل عديدة سبق وأن وجهـ.ـها النظام وعبر فيها عن ارتمـ.ـاءه في الحضن الإيراني وابتـ.ـعاده أكثر عن خيارات موسكو.
رسائل إيران
من جانبها فإن إيران التي تضع بهـ.ـذه الاتفاقية الجديدة وجودها العسـ.ـكري في سوريا بمستوى الوجود الروسي من الناحية القـ.ـانونية، وتنقله من حيّـ.ـز الإنكار الرسمي الذي ظل يردّده الجانبان ويقولان إنه مجرد حضور استشاري، إلى حيز الوجود الشرعي.
الرسالة الإيرانية المباشرة الأولى ذهبت باتجاه الدول التي تطالب أو تأمل بخـ.ـروج القـ.ـوات الإيرانية والميليـ.ـشيات المرتبطة بها من سوريا، وهي هنا تتعـ.ـدى أميركا واسرائيل إلى تركيا وحتى روسيا،
الدولتين اللتين كشفت تقارير إعلامية سعيهما لايجاد طريقة تجبر طهران على الانسـ.ـحاب الكامل أو الجزئي من الأراضي السورية، من أجل المساعدة على إطـ.ـلاق عمـ.ـلية ديبلوماسية تنـ.ـهي الحـ.ـرب في البلاد.
“باقون ونتمدد” هذا ما تقـ.ـوله طـ.ـهران بكل وضوح من خلال الاتفاقية العسـ.ـكرية هذه، ومهما كان الثمن أيضاً، وإذا كان على أحد الخروج من سوريا فعلى الآخرين القيام بذلك وليس نحن، تقول إيران، وأوّلهم تركيا، التي اعتبر رئيس الأركـ.ـان الايراني محمد باقري أن عليها “إخـ.ـراج قـ.ـواتها من الأراضي السورية والبدء بحـ.ـوار مع النظام”.
وإذا كانت إيران لا تسـ.ـتطيع قول الكلام نفسه لروسيا، فإن رسالتها القـ.ـوية إلى موسكو جاءت من خلال تأكيد باقري أن بلاده ستقوم بتعـ.ـزيز أنظـ.ـمة الدفـ.ـاع الجـ.ـوية لجيـ.ـش النظام، في إشارة واضحة إلى غـ.ـضب كل من دمشق وطهران على عـ.ـدم فاعلية منظـ.ـومة الدفـ.ـاع الجوي الروسـ.ـية “إس-300” في منـ.ـع الغـ.ـارات الجـ.ـوية الإسرائيلية والأميركية ضـ.ـد المواقع الإيرانية والعسـ.ـكرية التابعة للنظام في سوريا.
رسائل مشتركة
ويقول اللواء المنشـ.ـق عن جيـ.ـش النظام محمد حاج علي إن إيران تهـ.ـدف أيضاً إلى طمـ.ـأنة ميليشـ.ـياتها والحاضنة المؤيدة للنظام وللحليف الإيراني ببقائها في سوريا.
ويضيف حاج علي في تصريح ل”المدن”، أن “الهـ.ـدف من تجديد اتفاقية الدفـ.ـاع المشترك بين النظام وطهران وتطويرها، هو تمرير رسائل طـ.ـمأنة للقوى المرتبـ.ـطة بإيران والبيئة الحاضنة بعدم تخـ.ـلي إيران عنهم، وأنها ستـ.ـقوم بكل ماهو ممكن لضمان بقائها، وهي الرسالة الموجـ.ـهة لأعـ.ـداء إيران ومنافـ.ـسيها أيضاً”.
لكن هل تستطيع إيران تلبية الالتـ.ـزامات التي يتطلبه هذا النوع من التحـ.ـدي؟، سؤال يجيب عليه حاج علي قائلاً: “الاتفاق الأخير يتيح لإيران القدرة على نصب قـ.ـواعد مضـ.ـادات جوية في سوريا، وهي موجودة بالفعل لكنها ضعيفة الفاعـ.ـلية،
كما أنها غير قادرة على تغـ.ـطية كامل السماء السورية، إضافة إلى وجود أنظـ.ـمة تشـ.ـويش متطورة لدى اسرائيل، وهو ما يجعل من التصريحات الإيرانية حول تعزيزات الدفـ.ـاعات الجـ.ـوية في سوريا موجـ.ـهة لروسيا أكـثر من غيرها من الدول”.
وأشار الحاج علي إلى أن إيران تعتبر سوريا أرضاً مـهمـ.ـة لنفـ.ـوذها في المنطقة، وركناً أساسياً في مشـ.ـروعها التوسعي يفوق أهـ.ـمية العراق، وهو ما جعلها تركز وبشكل كامل على التغـ.ـلغل ضمن مفاصل جيـ.ـش النظام السوري وأجهزة الد,.ولة،
نظراً لكون سوريا عقدة ربط بين إيران ولبنان، وبقـ.ـائها في سوريا يعني استمـ.ـرار سلـ.ـطة وهيـ.ـمنة “حـ.ـزب الله” على لبنان.
من المفترض أن تكون الاتفاقية العسـ.ـكرية الأخيرة هذه، بين النـ.ـظام وإيران، بمثابة إفشـ.ـال لكل التوقعـ.ـات التي تحـ.ـدثت عن إمكانية خـ.ـروج أو إخراج إيران من سوريا، سواء بالقـ.ـوة أو بالدبلوماسـ.ـية، فالنظـ.ـام يؤكد أنه لا يريد خـ.ـروجها، وطـ.ـهران تجدّد وجـ.ـودها على الأراضي السورية.
المصدر: المدن