close
منوعات

’’سـ.ـيف الله المسلول’’.. قصة ’’خالد بن الوليد’’ الذي لم يخسر معـ.ـركة في حياته كما لم تسمعها من قبل

’’سيف الله المسلول’’.. قصة خالد بن الوليد الذي لم يخسر معركة في حياته كما لم تسمعها من قبل

خالد بن الوليد شهرته سـ.ـيف الله المسـ.ـلول (و. 592 – ت. 642)، هو أحد صـ.ـحابة النبـ.ـي محمد. اشـ.ـتهر بتكـ.ـتيكاته ودهـ.ـائه العسـ.ـكري، كان قـ.ـائداً للجيـ.ـش الإسـ.ـلامي في عهد الرسول وفي عهـ.ـده خلفـ.ـاءه الراشـ.ـدين؛ أبو بكر الصديق، عمر بن الخطاب.

تحت قـ.ـيادته العسـ.ـكرية، أصبحت الجزيرة العربية، لأول مـ.ـرة في تاريخها، في كيان سـ.ـياسي منفرد، الخـ.ـلافة.

انتـ.ـصر خالد بن الوليد في مئات المـ.ـعارك، ضـ.ـد قـ.ـوات الامـبـ.ـراطورية البيزنطية-الرومانية، الامبراطورية السـ.ـاسانية الفارسية، وحـ.ـلفائهم، بالإضافة إلى القـ.ـبائل العربية الأخرى.

تضمنت انتصـ.ـاراته العسـ.ـكرية فـ.ـتح شبه الجزيرة العربية، فارس وسوريا وبلاد الشام، من عام 632 حتى 636. واشتـ.ـهر بن الوليد أيضـ.ـاً لانتـ.ـصاراته في معـ.ـركة اليمـ.ـامة، أليس، والفراض، والولجة ومعـ.ـركة اليرموك.[2

نسبه
هو أبو سليمان خالد بن الوليد بن المغيرة، ينتهي نسبه إلى مرة بن كعب بن لؤي الجد السابع للنـ.ـبي (صلى الله عليه وسلم) وأبي بكر الصديق رضي الله عنه.

وأمه هي لبابة بنت الحـ.ـارث بن حزن الهلالية، وقد ذكر ابن عسـ.ـاكر – في تاريخه – أنه كان قريبًا من سن عمر بن الخطاب. وينتمي خالد إلى قبـ.ـيلة “بني مخزوم” أحد بطـ.ـون “قريش” التي كانت إليها “القبة” و”الأعنة”، وكان لها شـ.ـرف عظيم ومكانة كبيرة في الجـ.ـاهلية، وكانت على قـ.ـدر كبير من الجـ.ـاه والثـ.ـراء، وكانت بينهم وبين قريش مصاهرة متبادلة.

وكان منهم الكثير من السابقين للإسـ.ـلام؛ منهم: “أبو سلمة بن عبد الأسد”، وكان في طليعة المهـ.ـاجرين إلى الحـ.ـبشة، و”الأرقم بن أبي الأرقم” الذي كانت داره أول مسـ.ـجد للإسلام، وأول مدرسـ.ـة للدعـ.ـوة الإسـ.ـلامية.

وكانت أسرة خالد ذات مـ.ـنزلة متميزة في بني مخزوم؛ فعـ.ـمه “أبو أمية بن المغيرة” كان معـ.ـروفًا بالحكـ.ـمة والفـ.ـضل، وكان مشهورًا بالجـ.ـود والكرم، وهو الذي أشار على قبائل قريش بتحـ.ـكـيم أول من يدخل عليهم حينما اختلفوا على وضع الحجر الأسود وكادوا يقتـ.ـتلون، وقد مـ.ـات قبل الإسلام.

وعمه “هشام بن المغيرة” كان من سـ.ـادات قريش وأشرافها، وهو الذي قـ.ـاد بني مخزوم في “حـ.ـرب الفـ.ـجار”.

وكان لخالد إخوة كثيرون بلغ عددهم ستة من الذكور هم: “العاص” و”أبو قيس” و”عبد شمس” و”عمارة” و”هشام” و”الوليد”، اثنتين من الإناث هما: “فاطمة” و”فاضنة”.

أما أبوه فهو “عبد شمس الوليد بن المغيرة المخزومي”، وكان ذا جاه عريض وشرف رفيع في “قريش”، وكان معروفًا بالحـ.ـكمة والعقل؛ فكان أحدَ حـ.ـكام “قريش” في الجاهلية، وكان ثَـ.ـريًّا صاحب ضياع وبساتين لا ينقـ.ـطع ثمرها طوال العام.

ولد خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي في مكة، وأبو سليمان، أحد أشراف قريش في الجاهلية وكان إليه القبّة وأعنّة الخيل، أمّا القبة فكانوا يضربونها يجمعون فيها ما يجهزون به الجيش وأما الأعنة فإنه كان يكون المقدّم على خيول قريش في الحـ.ـرب…

كان إسلامه في شهر صفر سنة ثمان من الهـ.ـجرة، حيث قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (الحمد لله الذي هداك، قد كنت أرى لك عقلا لا يسلمك إلا إلى الخير) ولد لأب شديد الثراء ورفيع النسب والمكانة هو الوليد بن المغيرة الذي قال فيه القـ.ـرآن: “ذرني ومن خلقت وحيداً”، وأمه هـ.ـي لبابة بنت الحـ.ـارث الهلالية.

كان خالد بن الوليد ميمونَ النقيبـة، وأمّه عصماء، وهي لبابة بنت الحارث أخـت أم الفـ.ـضـل بنت الحـ.ـارث، أم بني العباس بن عبد المطلب، وخالته ميمونة بنت الحـ.ـارث زوج رسول الله -صلى الله عليه وسلم كما يمتد نسب خالد بن الوليد إلى الجد السابع للنبي محمد.

كان له ستة إخوة وأختان، نشأ معهم نشـ.ـأة مترفة، وتعلم الفروسية منذ صغره مبـ.ـدياً فيها براعة مميزة، جـعلته يصبح أحد قـ.ـادة فرسـ.ـان قريش.

كان خالد بن الوليد مترددا في النظر للاسـ.ـلام، وحـ.ـارب المسلمين في غزوتي أحد والاحـ.ـزاب ولم يحـ.ـارب في بدر لانه كان في بلاد الشام وقـ.ـت وقوع الغـ.ـزوة الاولى بين المسـ.ـلمين و مشـ.ـركي قريش ،

غير أنه بدأ يميل إلى الإسـ.ـلام وأسلم بعد صلح الحـ.ـديبية، رغم أنه كان صاحب دور رئيسي في هزيمة المسـ.ـلمين في غـ.ـزوة أحد في نهاية الغـ.ـزوة بعد ان قتـ.ـل من بقي من الرمـ.ـاة المسلـ.ـمين على جبل احد و التف حول جيـ.ـش المسـ.ـلمين و طـ.ـوقهم من الخـ.ـلف و قام بهجـ.ـوم ادى إلى ارتـ.ـباك صـ.ـفوف جيـ.ـش المسلمين.

عهد محمد (610–632)
وكان خالد –كغيره من أبناء قريش – معـ.ـاديًا للإسـ.ـلام ناقـ.ـمًا على النبي (صلى الله عليه وسلم) والمسـ.ـلمين الذين آمنوا به وناصروه، بل كان شـ.ـديد الــعـ.ـداوة لهم شديد التحامل عليهم، ومن ثَم فقد كان حريصًا على محـ.ـاربة الإسـ.ـلام والمسـ.ـلمين، وكان في طـ.ـليعة المحاربين لهم في كل المـعـ.ـارك التي خاضـ.ـها الكفـ.ـار والمشـ.ـركون ضـ.ـد المسلمين.

وكان له دور بارز في إحراز النـ.ـصر للمشركين على المسلمين في غزوة “أحد”، حينما وجد غِـ.ـرَّة من المسـ.ـلمين بعد أن خالف الرمـ.ـاة أوامر النبي (صلى الله عليه وسلم)، وتركوا مواقـ.ـعهم في أعلى الجبل، ونزلوا ليشـ.ـاركوا إخوانهم جمع غـ.ـنائم وأسلاب المشركين المنهـ.ـزمين، فدار “خالد” بفلول المشـ.ـركين وباغَـ.ـتَ المسـ.ـلمين من خلفهم، فسادت الفـ.ـوضى والاضـ.ـطراب في صفوفهم، واستطاع أن يحـ.ـقق النـ.ـصر للمـ.ـشركين بعد أن كانت هـ.ـزيمتهم محققة.

كذلك فإن “خالدا” كان أحد صـ.ـناديد قريش يوم الخندق الذين كانوا يتـ.ـناوبون الطواف حول الخندق علهم يجدون ثغـ.ـرة منه؛ فيأخذوا المسـ.ـلمين على غرة، ولما فشـ.ـلت الأحـ.ـزاب في اقتـ.ـحام الخندق، وولوا منـ.ـهزمين، كان “خالد بن الوليد” أحد الذين يحمـ.ـون ظهورهم حتى لا يباغـ.ـتهم المسـ.ـلمون.

وفي “الحديبية” خرج “خالد” على رأس مائتي فارس دفعـ.ـتت بهم قـ.ـريش لملاقـ.ـاة النـ.ـبي (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه، ومنـ.ـعهم من دخول مكة، وقد أسفر الأمر عن عقـ.ـد معاهدة بين المسلمين والمشركين عرفت باسم “صلـ.ـح الحديـ.ـبية”.

وقد تجلـ.ـت كـ.ـراهية “خالد” للإسـ.ـلام والمسـ.ـلمين حينما أراد المسلـ.ـمون دخول مكة في عمرة القضـ.ـاء؛ فلم يطِـ.ـق خالد أن يراهم يدخلون مكة –رغم ما بينهم من صـ.ـلح ومعـ.ـاهدة– وقرر الخروج من مكة حتى لا يبصـ.ـر أحدًا منهم فيها.

دخوله الإسـ.ـلام
أسلم خالد في صفر للسنة الثامنة الهجرية، قبل فتـ.ـح مكة بستة أشهر، وقبل غـ.ـزوة مؤتة بنحو شهرين، وذهب ليعـ.ـلن إسـ.ـلامه بين يدي الرسول صل الله عليه و سلم برفقة صاحبه عمرو بن العاص،

وبدأ منذ ذلك الحين جهده و عمله الحثيث الكبير في نصرة الإسلام و المسلمين و نشر ديـ.ـن الله في الارض. وتعود قصـ.ـة اسلام خالد الى ما بعد معاهدة الحـ.ـديبية حيث أسلم أخوه الوليد بن الوليد، ودخل الرسول -صلى الله عليه وسلم- مكة في عمرة القـ.ـضاء فسأل الوليد عن أخيه خالد، فقال: (أين خالد؟)… فقال الوليد: (يأتي به الله).

فقال النبي: -صلى الله عليه وسلم-: (ما مثله يجـهـ.ـل الاسلام، ولو كان يجعل نكـ.ـايته مع المسلمين على المشـ.ـركين كان خيرا له، ولقـ.ـدمناه على غيره)… فخرج الوليد يبحث عن أخـ.ـيه فلم يجده، فترك له رسالة قال فيها: (بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد… فأني لم أرى أعجب من ذهاب رأيك عن الاسـ.ـلام وعقـ.ـلك عـ.ـقلك، ومثل الاسلام يجهـ.ـله أحد؟!… وقد سألني عنك رسول الله، فقال أين خالد – وذكر قول النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه – ثم قال له: فاسـ.ـتدرك يا أخي ما فـ.ـاتك فيه، فقد فـ.ـاتتك مواطـ.ـن صـ.ـالحة) .

وقد كان خالد -رضي اللـه عنه- يفكر في الاسـ.ـلام، فلما قرأ رسالة أخيـه سـ.ـر بها سرورا كبيرا، وأعجبه مقالة النبـي -صلى اللـه عليه وسلم-فيه، فتشجع و أسلـم ورأى خالد في منـ.ـامه كأنه في بلادٍ ضيّقة جديبة، فخرج إلى بلد أخضر واسع، فقال في نفسه: (إن هـ.ـذه لرؤيا)… فلمّا قدم المدينة ذكرها لأبي بكر الصديق فقال له: (هو مخـ.ـرجُكَ الذي هـ.ـداك الله للإسلام، والضيقُ الذي كنتَ فيه من الشـ.ـرك).

الحملات العسـ.ـكرية في عهد محمد
شارك خالد في أول غـ.ـزواته في غـ.ـزوة مؤته ضـ.ـد الغسـ.ـاسنة والروم وظهر نبـ.ـوغه العسـ.ـكري في هذه الغـ.ـزوة وانقذ جيـ.ـش المسلمين وقام بخـ.ـداع جـ.ـيش الروم وانسـ.ـحب بجـ.ـيش المسلمين في أروع خطـ.ـة انسـ.ـحاب في التاريخ و عاد بهم إلى المدينة المنورة وفي هذه الغـ.ـزوة سماه الرسول صلى الله عليه وسلم سـ.ـيف الله.

ولقد امره الرسول صلى الله عليه وسلم على أحد الكتائب الاسلامية التي تحـ.ـركت لفـ.ـتح مكة واسـ.ـتعمله الرسول أيضا في سـ.ـرية للقبـ.ـض على اكيدر ملك دومة الجـ.ـندل أثناء غـ.ـزوة تبوك.

غـ.ـزوة مؤتة
كانت غزوة مؤتة أول غزوة شارك فيها خالد، وقد قـ.ـتل قادتها الثلاثة: زيد بن حارثة، ثم جعفر بن أبي طالب، ثم عبد الله بن رواحة -رضي الله عنهم-، فسارع الى الراية (ثابت بن أقرم) فحملها عاليا وتوجه مسرعا الى خالد قائلا له: (خذ اللواء يا أبا سليمان) فلم يجد خالد أن من حقه أخذها فاعـ.ـتذر قائلا: (لا، لا آخذ اللواء أنت أحق به، لك سـ.ـن وقد شـ.ـهدت بدرا)… فأجابه ثابت: (خذه فأنت أدرى بالقـ.ـتال مني، ووالله ما أخذته إلا لك). ثم نادى بالمسلمين: (أترضون إمرة خالد؟)… قالوا: (نعم)… فأخذ الراية خالد وأنقذ جـ.ـيش المسلمين، يقول خالد: (قد انقـ.ـطع في يدي يومَ مؤتة تسعة أسـ.ـياف، فما بقي في يدي إلا صفـ.ـيحة لي يمانية).

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما أخبر الصحابة بتلك الغزوة: (أخذ الراية زيد فأصـ.ـيب، ثم أخذ الراية جعفر فأصـ.ـيب، ثم أخذ الراية ابن رواحة فأصـ.ـيب ،… وعيناه -صلى الله عليه وسلم- تذرفان…، حتى أخذ الراية سيـ.ـف من سيـ.ـوف الله، حتى فتح الله عليهم)… فسمي خالد من ذلك اليوم سـ.ـيف الله.

وأثرى مشاعره وعقله ولقد طفق خالد ينهل من مدرسة النـ.ـبوة العظيمة حتى اصبح القـ.ـائد الذي يعلم إلى اليوم قـ.ـادة العالم، ولا ننسى ان خالد بن الوليد طـ.ـالب نجيب في مدرسة الرسول صلى الله عليه وسلم.

والجدير بالذكر أن خالد بن الوليد كان يتـ.ـعلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم الكثير من نواحي الحيـ.ـاة وتعلم من الرسول صلى الله عليه وسلم الكثير من التكـ.ـتيكات العسـ.ـكرية والنصائح التي نفـ.ـعته في ما بعد في معـ.ـاركه ولقد هـ.ـذبه الرسول صلى الله عليه وسلم وعلمه وأدبه وصـ.ـقل موهبـ.ـته.

ثم قام بمواجـ.ـهة مسيلمة الكذاب مدعي النـ.ـبوة الذي امتلك اكبر جيـ.ـوش المرتـ.ـدين و هـ.ـزمه في معـ.ـركة اليمامة و هي من اكبر المعارك التى خاضها المسلـ.ـمين مع المـ.ـرتدين.

وشارك في فتـ.ـح مكة وفي حروب الردة، فقد مضى فأوقع بأهل الردة من بني تميم وغيرهم بالبُطاح، وقـ.ـتل مالك بن نويرة، ثم أوقع بأهل بُزاخَة – وهي المعـ.ـركة التي كانت بين خالد و طليحة بن خويلد-، وحـ.ـرقـ.ـهـ.ـم بالنـ.ـار، وذلك أنه بلغه عنهم مقالة سـ.ـيئة، شتـ.ـموا النبي -صلى الله عليه وسلم-، وثبتـ.ـوا على ردّتهم، ثم مضى الى اليمامة ووضع حداً لمسـ.ـيلمة الكـ.ـذاب وأعوانه من بني حنيفة.

وفي فتح بلاد الفرس استهل خالد عمله بارسال كتب إلى جميع ولاة كسرى ونوابه على ألوية العراق ومدائنه: (بسم الله الرحمن الرحيم، من خالد بن الوليد الى مرازبة فارس، سلام على من اتبع الهـ.ـدى، أما بعد فالحمدلله الذي فـ.ـض خدمـ.ـكم، وسـ.ـلب ملككم، ووهّن كيدكم، من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيـ.ـحتنا فذلـ.ـكم المسلم، له ما لنا وعليه ما علينا، إذا جاءكم كـ.ـتابي فابعثوا إلي بالرّهُـ.ـن واعتقدوا مني الذمـ.ـة، وإلا فوالذي لا إله غيره لأبعثن إليكم قوما يحبون المـ.ـوت كما تحبون الحـ.ـياة !!).

وعندما جاءته أخبار الفرس بأنهم يعدون جيـ.ـوشهم لمواجـ.ـهته لم ينتظر، وإنما سارع ليقـ.ـابلهم في كل مكان محـ.ـققا للإسلام النـ.ـصر تلو الآخر0ولم ينس أن يوصـ.ـي جنـ.ـوده قبل الزحـ.ـف: (لا تتعـ.ـرضوا للفلاحين بسـ.ـوء، دعوهم في شغـ.ـلهم آمنين، إلا أن يخرج بعضهم لقـ.ـتالكم، فآنئـ.ـذ قـ.ـاتلوا المقـ.ـاتلين).

بعثه الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى العُـ.ـزّى يهـ.ـدِمُها، فخرج خالد في ثلاثين فارساً من أصحابه حتى انتهـ.ـى إليها فهـ.ـدمها، ثم رجع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (هُـ.ـدِمَتْ؟)… قال: (نعم يا رسول الله)… فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (هل رأيت شيئاً؟)… فقال: (لا)… فقال: (فإنك لم تهـ.ـدِمْها، فأرجِعْ إليها فاهـ.ـدمها)… فرجع خالد وهو متـ.ـغيّظ، فلما انتهى إليها جـ.ـرّد سيفه، فخرجت إليه إمرأة سوداء عُـ.ـريانة، ناشرة الرأس، فجعل السـ.ـادِنُ يصيح بها، قال خالد: (وأخذني اقشِـ.ـعْرارٌ في ظهري)… فجعل يصيح:

أعُـ.ـزَّيَّ شـدِّي شدّةً لا تكذّبـي أعُـ.ـزّيَّ فالْقي للقـ.ـناع وشَمِّـري
أعُـ.ـزَّي إن لم تقـ.ـتلي اليومَ خالداً فبـ.ـوئي بذنـ.ـبٍ عاجـ.ـلٍ فتنصّري
وأقبل خالد بالسيف إليها وهو يقول:

يا عُـ.ـزَّ كُفـ.ـرانَكِ لا سُبحانَكِ إنّي وجـ.ـدتُ اللهَ قد أهـ.ـانَكِ
فضـ.ـربها بالسـ.ـيف فجـ.ـزلها باثنتين، ثم رجع الى رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبره فقال: (نعم ! تلك العُـ.ـزّى قد أيِسَتْ أن تُعبدَ ببلادكم أبداً).

ثم قال خالد:

«أيْ رسول الله، الحمدُ لله الذي أكرمنا بك، وأنقـ.ـذنا من الهَـ.ـلَكة، ولقد كنت أرى أبي يأتي إلى العُـ.ـزّى نحيرُهُ، مئة من الإبل والغـ.ـنم، فيذبـ.ـحها للعُزّى، ويقيم عندها ثلاثاً ثم ينصرف إلينا مسروراً،

فنظرتُ إلى ما مـ.ـات عليه أبي، وذلك الرأي الذي كان يُعاش في فضـ.ـله، كيف خُـ.ـدع حتى صار يذبـ.ـح لحـ.ـجر لا يسمع ولا يبصر ولا يضر ولا ينفع؟!)… فقال رسول الله: (إنّ هذا الأمرَ إلى الله، فمَنْ يسَّرَهُ للهّـ.ـدى تيسر، ومَنْ يُسِّرَ للضـ.ـلالة كان فيها.»

فتح الجزيرة العربية
كان خالد على مقدمة جيـ.ـش رسول الله r يوم حنين، وجـ.ـرح وعاده الرسول وبعد ذلك أرسله الرسول في أثناء غـ.ـزوة تبوك[ر] إلى الأكيدر بن عبد الملك صاحب دومة الجـ.ـندل في مهمة إتمام مد نفـ.ـوذ المسـ.ـلمين إلى الأطراف الشمالية للجزيرة فأسـ.ـره وأحضـ.ـره عند الرسول الذي صالحه على الجـ.ـزية ورده إلى بلده.

وفي سنة عشر للهـ.ـجرة بعث الرسول r خالداً إلى بني الحارث بن كعب بنجران ليدعوهم إلى الإسـ.ـلام، فأسلموا وعاد خالد مع وفدهم القادم إلى المدينة للمبايعة فأطلت فـ.ـتنة الردة برأسـ.ـها منذ شاع خبر مرض الرسول r

واسـ.ـتشرت بعد تولي الخليفة أبي بكر الصديق الخلافة، وكانت الردة تمرداً قامت به بعض القـ.ـبائل العربية التي لم يتـ.ـجذر الإسـ.ـلام فيها على سلـ.ـطة المدينة للتخـ.ـلص من الزكـ.ـاة والتحلّل من الفـ.ـروض الإسـ.ـلامية أو تأثراً بالتحـ.ـريض الخارجي. تصدى أبو بكر للردة بعـ.ـزم وتصميم، وعبأ القـ.ـوات لقـ.ـتال المرتـ.ـدين، واستعمل خالد بن الوليد على قتـ.ـالهم، فأبلى خالد فيه بلاءاً عظيماً، وأخـ.ـضع قبائل عدة عاصية، بيد أن خالداً أنجز إنجازه الكبير عندما قضـ.ـى على ردّة بني حنيفة في اليمامة وعلى زعيـ.ـمهم القـ.ـوي مسيـ.ـلمة الكـ.ـذاب. وكان وأد هذه الفتـ.ـنة إيذاناً بالقـ.ـضاء على حركات الردة نهائياً واستـ.ـتباب سـ.ـلطة المدينة على الجزيرة العربية.

فتح الامبراطورية الفارسية
قام خالد بن الوليد بدور جليل في تدمـ.ـير امبراطورية فارس الكبرى وتدمـ.ـير جيـ.ـوشها وخـ.،ـاض بجيـ.ـشه من خيرة الصحابة وعددهم ما يقرب من 18 ألف مقـ.ـاتل مسـ.,ـلم حق معـ.ـارك طاحنه مع جيـ.ـوش الفرس نذكر منها معـ.ـركة كاظمة والابله والمزار واليس والولجه والأنبار وعين التمـ.ـر وقد ظهر من عبقـ.ـرية خالد العسـ.ـكرية الكثير في هذه المعـ.ـارك الكبيرة واستخـ.ـدم من اساليب القـ.ـتال وتكتيكات فن الحـ.ـرب الكثير ونفذ اسـ.ـتراتيجيات وخطط عسـ.ـكرية عـ.ـظيمة جدا تدرس حتى الان في الكليات والمعاهد العسـ.ـكرية.

فتـ.ـح وسط الشام
تحرك خالد بن الوليد وقطع صحراء السماوة ومعه دليله رافع وجـ.ـيشه جـ.ـيش الزحف ووصـ.ـل في وقت قليل لنجـ.ـدة المسـ.ـلمين في بلاد الشام وشارك في معارك طاحنه حاسمة في بلاد الشام منها معـ.ـركة فتح دمشق واجـ.ـنادين وفـ.ـحل ومـ.ـعركة السوق واليرموك الكبرى واظهر نبوغ في التخطيط عسـ.ـكري وشجـ.ـاعه واقدام منقـ.ـطع النظير.

معـ.ـركة اليرموك
تحركات القـ.ـوات الإسـ.ـلامية والبيزنطية قبل معـ.ـركة اليرموك..
أعد الروم جيـ.ـشاً ضخـ.ـماً لملاقاة المسلـ.ـمين يفوق قـ.ـوى المسلـ.ـمين مرات وبدا أن الصـ.ـراع على الشام سوف يكون حاسـ.ـماً، فأوعز الخليفة إلى خالد أن يترك جـ.ـبهة العراق للمثنـ.ـى بن حارثة ويتـ.ـوجه إلى الشام دعـ.ـماً للجـ.ـيوش الأربعة.

سار خالد بقـ.ـواته من الحيرة إلى الشام فوصلها في مدة قياسية دلت على مـ.ـهارته وانضم إلى قـ.ـوات أبي عبيدة ورفاقه، ولكنه وجد أنَّ قـ.ـتال الجـ.ـند في الشام كان على تساند،

أي على رايات شتى كل جـ.ـند وأميرهم لا يجمعهم أحد وهم متـ.ـضايقون بمدد الروم، فأوضـ.ـح لهم أنه لا يجـ.ـوز لهم مقـ.ـاتلة الروم، وهم قـ.ـوم على نظام وتعبئة (والتعبئة تقسيم الجـ.ـيش إلى قلب وميمنة وميـ.ـسرة تحت قيـ.ـادة قـ.ـائد أعلى) بينما العرب على تساند وانتشار،

وطلب من الأمراء أن يولوه قيـ.ـادة الجـ.ـيش، ونتـ.ـيجة لذلك خـ.ـرج خـ.ـالد كما يقول الرواة في تعـ.ـبئة لم تعبئها العرب قبل ذلك، فجعل القلت.ـب كراديس وعليها أبو عبيدة بن الجراح،

والمـ.ـيسرة كراديس وعليها يزيد بن أبي سفيان، والمـ.ـيمنة كراديس وعليها عمرو بن العاص، وكان القلـ.ـب يضم 16 كردوساً، بينما ضمت كل من الميمنة والميسرة عشرة كراديس وكل كردوس كان يضـ.ـم ألف مقـ.ـاتل وعلى كل كردوس قـ.ـائد،

وهؤلاء يأتمرون بأمر قـ.ـواد الميمنة والميسرة والقـ.ـلب، وهؤلاء بدورهم يأتمـ.ـرون بأمر القـ.ـائد الأعلى خالد بن الوليد، وبهذه التعـ.ـبئة واجه خالد بن الوليد الروم في معـ.ـركة اليرموك سنة 13هـ/634م، وهـ.ـزمهم هـ.ـزيمة منـ.ـكرة وسـ.ـحق معظـ.ـم جيـ.ـشهم وفر الباقون متراجعـ.ـين عن أرض الشام، وهي معـ.ـركة كرست خالداً بوصفه أحد مشاهير القـ.ـادة العسكـ.ـريين في التاريخ.

[3] وفي غمرة المعـ.ـركة ورد أمر الخليـ.ـفة عمر بخبر مـ.ـوت الخليفة أبي بكر، وبعـ.ـزل خالد عن القـ.ـيادة وتولية أبي عبيدة بن الجـ.ـراح، فكـ.ـتم أبو عبيدة الأمر حتى انجـ.ـلت المـ.ـعركة عن النصـ.ـر، عندئذ تسلّم أبو عبيدة القـ.ـيادة وعمل خالد بن الوليد بإمـ.ـرته. واستمر خالد تحت قيـ.ـادة أبي عبيدة واشـ.ـترك في فتح دمشق،

وأقام بعـ.ـدئذ في حمص معـ.ـتذراً للخـ.ـليفة عمر عن تولي المـ.ـناصب. وقد اختلف في مكان وفـ.ـاته فمنهم من قال إنه توفـ.ـي في قرية من ضـ.ـواحي حمص، وآخرون قالوا بل توفـ.ـي في المدينة، وهذا أرجـ.ـح بناء على مشاركة نسـ.ـاء بني المغيرة في مأتـ.ـمه وتزكـ.ـية عمر له يومذاك، وبوفـ.ـاته طويت صفحة بطل من أبطـ.ـال الإسـ.ـلام ورجاله المشاهير، وأحد قـ.ـادة الحـ.ـرب العظام.

وفـ.ـاته
قـ.ـبر خالد بن الوليد، في مسجد خالد بن الوليد، حمص، سوريا.
وتوفـ.ـي خالد في حمص في (18 من رمضان 21هـ = 20 من أغسطس 642م). وحينما حـ.ـضرته الوفـ.ـاة، انسـ.ـابت الدموع من عيـ.ـنيه حـ.ـارة حـ.ـزينة ـضـ.ـارعة، ولم تكن دموعه رهـ.ـبة من المـ.ـوت، فلطالما واجـ.ـه المـ.ـوت بحـ.ـد سيـ.ـفه في المعـ.ـارك، يحـ.ـمل روحـ.ـه على سـ.ـن رمـ.ـحه،

وإنما كان حـ.ـزنه وبكاؤه لشوقه إلى الشـ.ـهادة، فقد عزّ عليه –وهو الذي طالما ارتاد سـ.ـاحات الوغـ.ـى فترتـ.ـجف منه قلوب أعـ.ـدائه وتتزلزل الأرض من تحت أقـ.ـدامهم- أن يمـ.ـوت على فراشـ.ـه، وقد جاءت كلماته الأخيرة تعبر عن ذلك الحـ.ـزن والأسى في تأثر شديد: “لقد حـ.ـضرت كذا وكذا زحـ.ـفا وما في جسـ.ـدي موضع شبر إلا وفيه ضـ.ـربة بسيف، أو رمـ.ـية بسـ.ـهم، أو طـ.ـعنة برمـ.ـح، وها أنا ذا أمـ.ـوت على فراشي حـ.ـتف أنفـ.ـي، كما يمـ.ـوت البعير، فلا نامـ.ـت أعين الجـ.ـبناء”.ـ.ـ

فضله
قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (نِعْمَ عبد الله خالد بن الوليد، سيْفٌ من سيوف الله).

قال خالد -رضي الله عنه-:(ما ليلة يهدي إليّ فيها عروسٌ أنا لها محـ.ـب، أو أبشّرُ فيها بغـ.ـلامٍ أحبَّ إلي من ليلة شـ.ـديدة الجليد في سريّةٍ من المهـ.ـاجرين أصبِّحُ بها الـعـ.ـدو).

وأمَّ خالد الناس بالحـ.ـيرة، فقرأ من سُوَرٍ شتى، ثم التـ.ـفت إلى الناس حين انـ.ـصرف فقال: (شغـ.ـلني عن تعلّـ.ـم القرآن الجهـ.ـادُ).

نزل خالد بن الوليد الحـ.ـيرة على أمير بني المرازبة فقالوا له: (احـ.ـذَرِ السُّـ.ـمَّ لا يسقـ.ـيكهُ الأعاجم)… فقال: (إئتوني به)… فأتِيَ به فأخـ.ـذه بيده ثم اقتـ.ـحمه وقال: (بسم الله)… فلم يُضـ.ـرَّه شيئاً.

وأخبِرَ خالد -رضي اللـه عنه- أنّ في عسـ.ـكره من يشـ.ـرب الخـ.ـمر، فركـ.ـب فرسـه، فإذا رجل على مَنْسَــ.ـجِ فرسِـهِ زِقّ فيه خـ.ـمر، فقال له خالد: (ما هذا؟)… قال: (خل)… قال: (اللهم اجعله خلاّ)… فلمّا رجع الى أصحابه قال: (قد جئتكم بخـ.ـمر لم يشـ.ـرب العرب مثلها)… ففتـ.ـحوها فإذا هي خلّ قال: (هذه والله دعوة خالد بن الوليد).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى