close
أخبار سورياعالم

سببان يدفعان السوريين في المغترب للزواج من غير السوريات

خلال العقد الأخير لم يعُد الشباب السوريون يسيرون في اتجاه واحد بما يتعلق بالزواج واختيار الشريكة،

فسابقاً كان اختيار الزوجة يتم داخل دائرة الأقارب كبنت عمه أو عمته أو  ضمن المحافظة الواحدة التي ينتمي لها،

لكن الظروف الآن تغيرت وازدادت حالات زواج الشباب السوريين من غير السوريات وفق عوامل عديدة

فسحت المجال للخروج عن العادات والتقاليد التي قاربت من الانسلاخ عن المجتمع السوري وفق قناعات ارتبطت بالظروف الاقتصادية الصعبة أو الوضع القانوني غير المستقر لتكون الخلاص أو طوق النجاة في الشتات. 

تزوجت من أحب 

ينفي طلال الخراط الشاب السوري المتزوج من فتاة تركية منذ أكثر من خمس سنوات أن يكون هناك دافع لزواجه من تركية بسبب الجنسية،

معتبراً أن وجود رغبة الزواج بمن يحب كانت السبب الرئيسي، موضحاً أن بإمكانه أن يحصل على الجنسية دون زواج إما بشكل استثنائي أو

عبر الاقامة فى تركيا لمدة خمس سنوات دون انقطاع، مؤكداً بقوله: ” هذا قدر ومقدر لي أن أتزوج هذه الفتاة بغض النظر عن جنسيتها”.

الظروف الاقتصادية 

وعن الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها نسبة كبيرة من اللاجئين، ما يدفعهم للعدول عن العادات والزواج من خارج بلدهم،

يرى طلال أنه لا يوجد أي صلة بين الظروف الاقتصادية وبين تغير العادات في حين تظل العادات والتقاليد جزءاً لا يتجزأ من الشعب السوري

، على سبيل المثال بالرغم مما يمر به النازحون في الداخل السوري إلا أنه فى بعض الأحيان نرى حفلات الحنة والزفاف داخل المخيمات

، ويرى أن المجتمعين السوري والتركي يختلفان في أشياء بسيطة فيما يخص العادات والتقاليد ويتشابهان في الكثير من الأشياء.

الآثار …إيجابية 

يعتبر طلال أن التأثيرات بعد زواجه لا شك كانت إيجابية واستطاع مع زوجته تجاوز الكثير من التفاصيل كاللغة مثلاً حيث كانا يتحدثان اللغة الإنكليزية، وأسسا عائلة خالية من الأمور الثانوية التي لم يضعوا لها أي اعتبار، كالاختلاف مثلاً بين الجنسيتين أو بعض العادات المختلفة بين البلدين

، و أصبحا مثالاً ناجحاً للعديد من  الأصدقاء، وبدأ طلال يتعلم من زوجته بعض العادات والتقاليد الغريبة التي تحدث في تركيا، وبالمقابل يقوم هو بإطلاع زوجته على عادات أهل سوريا القدامى وثقافة المجتمع السوري.  

يعتقد طلال أنه  لا يمكن لأي شيء أن يؤثر على قرار الزواج سواء كانت الفتاة من بلده أو غير بلده، موضحاً: “نحن كرجال نبحث عما يلائمنا وكنت أقول دائماً سوف أتزوج هندية إذا شعرت أنها تناسبني”.

ويتابع أنه يمكن للرجل أن يُضطر للزواج من خارج بلده في حال كان يبحث عن جنسية دولة أجنبية أو إقامة أو هجرة شرعية وهذا ما سبب لنا سمعة سيئة سواء فى تركيا أو أوروبا بشكل عام، وفق ما قال.

لا خيارات أخرى 

أما عمر فهو رجل سوري مقيم في السعودية متزوج من امرأة أردنية اجتمع بها عدة مرات بمحض الصدفة لأن عمله يتطلب القدوم إلى الأردن ولأنه مر بتجربة زواج فاشلة ولديه أطفال فكان لا بد من التفكير بالزواج مرة أخرى لرعاية أطفاله بسبب سفره الدائم بحسب قوله. 

ويضيف عمر أنه لم يجد خيارات أمامه وأن قرار زواجه كان عقلانياً وخطوة لا بد منها بسبب ظروفه الحياتية التي وجدها متوازنة كثيراً مع شريكته التي أصبحت أمّاً لأطفاله ومتفهمة لظروف عمله وهو ممتنّ للصدفة التي جمعته بزوجته ليحدث القسمة والنصيب، موضحاً أن جنسية الزوجة لم تكن تهمه بل بحث عما يلائم وضعه ومناخ حياته. 

تسوية أوضاع

دفعت إجراءات لم الشمل في ألمانيا التي أصبحت أكثر تعقيداً، ولا سيما بين عامي 2016 و2017، واستحداث ما يعرف بـ “الإقامة الثانوية” للسوريين ومدتها عام واحد قابل للتمديد

، الشاب السوري لؤي أن يختار الزواج من سيدة ألمانية تكبره بسبع سنوات حيث وجد فيها المرأة المطيعة وغير المتطلّبة، بالإضافة إلى عدم إمكانيته إجراء طلب لم شمل عائلته في سوريا بسبب حصوله على إقامة ثانوية، ما دفعه للزواج من فتاة  ألمانية استوعبت تماماً نمط تفكيره

، وترغب في الاستقرار ولا مشكلة لديها بالاختلاف في الدين كما يشاع.

ويعتبر لؤي خطوة  الزواج من جنسية غير سورية ضماناً لمستقبل أولاده في بلد ينعم بالحرية والحقوق بحسب قوله،
مشيراً إلى أنه عندما تقدم لطلب عدة فتيات سوريات تفاجأ بارتفاع مهر الزواج من الفتاة السورية المقيمة في ألمانيا

وبشكل عام بات من السائد فرض الفتاة السورية أو عائلتها شروطاً صعبة معقدة أحياناً على الخاطب

، في حين وجد أن الفتاة الأجنبية قنوعة وفي نفس الوقت مُقلّة في طلباتها، إلا أنها تحمل شخصية سهلة التعامل ويمكن أن تقبل بالمستطاع على حسب قوله، ل

افتاً إلى أن الشباب السوريين في أوروبا أحياناً يُدفَعون إلى الزواج بغير السوريات تحت ظرفهم الاضطراري، ولا سيما أولئك الذين ينتظرون تسوية قانونية لأوضاعهم لتضمن استقرارهم في البلد المستضيف. 

 الباحثة الاجتماعية حسناء بركات تعتبر أحد أهم بنود الزواج من غير السوريات هو تراجع تأثير العادات والتقاليد وتراجع الضغط على هذا المفهوم من ناحية المجتمع بالإضافة للوضع الاقتصادي المتردي، وزواج السوري من غير جنسيته يعطيه ميزات خاصة فيما، يتعلق بالوضع  القانوني للاجئين السوريين الذي لا يقل سوءاً عن الوضع المادي.

تشبث السوريين بمهر الزواج 

ومن الدوافع الأساسية أيضاً، اعتبرت بركات أن تشبث السوريين بتفاصيل الزواج بما يخص المهر والمقدم والمؤخر أحد أهم أسباب تزوج السوري من غير السوريات، بينما في أوروبا لم تأخذ هذه التفاصيل اهتمام الغرب بحسب قولها.

وعن الآثار المتعلقة بهذه الظاهرة وجدت بركات أنها إيجابية وسلبية معاً، الإيجابية تكون من منظور حضاري مجتمعي تتمثل بالقدرة على الاندماج مع المجتمع حيث يصبح السوري جزءاً من هذا المجتمع.

بينما تأثيرها السلبي يكون على نساء البلد حيث يرفع ذلك من نسبة النساء غير المتزوجات ويعزز التفكك المجتمعي، ونرى أن أغلب حالات الزواج من غير السورية سببت حالات انفصال بين الطرفين حتى بعد إنجاب أول طفل، وهذا يؤثر سلباً على المجتمع الذي يعيشون فيه . 

 الانسلاخ عن المجتمع السوري

وتختم  بركات أن هذه الظاهرة سببت حالة الانسلاخ عن المجتمع السوري دون أن يكون هناك محو أو إلغاء للهوية أو الثقافة السورية، لأنه لا يمكن تطبيق هذه الظاهرة ضمن المجتمع السوري الذي يعيش فيه. 

وعلى اختلاف أسباب الزواج، نلاحظ أن القاسم المشترك للجميع هو الظروف التي مرت على السوريين وفصول وخروجهم وتوزعهم بين بلدان عدة، ما جعل الخيارات متعددة ومتاحة لتتسع مساحة الانتقاء، وبالمقابل نرى أن نسبة لا بأس بها لا تزال تحافظ على عادات المجتمع السوري رغم الهجرة خارج البلد. 

وفي تحليل أسباب الظاهرة، لا شك أن الحصول على الإقامة الدائمة و جنسية البلد المستضيف أصبحت هاجساً للكثير من السوريين والسوريات في الخارج، وحلها “الأمثل” بالنسبة لهم يكون عبر الزواج من مواطنات في بلدان اللجوء، للحصول على مزايا مادية وقانونية تضمن لهم الاستقرار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى