close
منوعات

رأى النبي محمد في منامه فبشّره بالنصر.. فاتح الأندلس طارق بن زياد الذي انتصر بجيشٍ قوامه 12 ألف مسلم على 100 ألف من القوط

بدأت الفتوحات الإسلامية في مصر وشمال إفريقيا من عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد تم فتح مصر على يد عمرو بن العاص الذي كان بصحبته عقبة بن نافع.

توالت الولاة على مصر، لكن كل والي جديد يأتي كان يبقي على عقبة بن نافع في قيادة الجيوش بالشمال الإفريقي، وذلك كونه رجل ذو خبرة كبيرة بتلك المنطقة والفتوحات، وقد وصل إلى أقصى المغرب العربي ويروى عنه مقولته الشهيرة أنه لو علم بأن وراء هذا البحر أناس لا يؤمنون بالله لفتحت بلادهم.

كان لدى عقبة بن نافع خطـ.ـأ عسكري أجمع عليه المؤرخين، وهو أنه لم يكن يعزز الجيوش في البلدان التي يفتحها، حتى جاء في أحد الأيام لأحد تلك البلدان ولما دخلها ارتد أهلها وانقـ.ـلبوا عليه فاستشهد.

وفي تلك الأثناء، وفي مدينة شفشاون أو طنجة المغربية، كان هناك رجلاً أمازيغياً، وقد كان من الأمازيغ الذين لم يرجعوا عن الإسلام وإنمّا بقوا عليه، ورزق زياد الأمازيغي بطفل أسماه طارق، وهو محل قصّتنا اليوم، إنه الفارس طارق بن زياد فاتح الأندلس.

عندما كبر طارق وقد ربي على تعاليم الإسلام الصحيحة، انضم إلى جيوش الدولة الأموية التي عملت على إعادة فتح البلدان التي ارتدت عن الإسلام، وقد أرسلت من أجل ذلك القائد المسلم الشهير موسى بن النصير، وذلك في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك.

تمكن موسى بن النضير من فتح الشمال الإفريقي كاملاً، مستعيناً بشكلٍ رئيسي على طارق بن زياد كونه ابن تلك المنطقة ويعرف أهلها جيداً، فكان يستشير طارق بن زياد بمعظم الأمور وخاصة الهامة منها.

وعيين طارق بن زياد بعد ذلك أميراً على برقة بعد مقـ.ـتل زهير بن طبرق سنة 76 هجرية، ثم أسندت له مهمة قيادة جيش موسى بن نصير فكان خير قائد لخير جيش، وتمكن من السيطرة على بقية المغرب العربي، حيث وصل بجيشه إلى المحيط الأطلسي.

وكان فتحه لمدينة “الحسيمة” عاملاً هاماً في قدرته على إرضـ.ـاخ المغرب العربي كلَّه تحت حكم موسى بن نصير، ولم تبق أمامه سوى مدينة سبتة والتي كانت منـ.ـيعة الحصون شـ.ـديدة القوة.

في أثناء الفتوحات تلك، كانت سبتة وهي تحت الحكم الإسباني، وفيها قائد يدعى ليليان وهو نصراني الديانة، وقد وصله دخول المسلمين إلى المغرب من أحد وزرائه الذي حدثه عن طريقة الفتوحات الإسلامية التي تترك الناس على دينهم وحرية العقيدة.

كان ليليان قبل قدومه إلى سبتة في الأندلس، وهناك تعـ.ـرض لهـ.ـجـ.ـوم من قبائل القوط، وهي قبائل لا تتبع أي ديانة إسلامية وقد انتصروا عليه ما دفعه للعبور إلى سبتة، ويقال أنه أصبح بعد ذلك على حلف معهم يحمي حدودهم.

وتقول بعض المصادر التاريخية أن طارق وموسى لم يتمكنا من فتح سبتة، إلى أن استلم الحكم في إسبانيا رجل يدعى “لذريق الحكم القوطي” الذي قام بالتعرض لابنة “ليليان” التي كانت عند الملك غطيشة المخـ.ـلوع، الأمر الذي أغضـ.ـبه وجعله يقدم عرضاً لطارق بن زياد بالتعاون ودعمه لفتح الأندلس.

ويقال في رواية أخرى أن ليليان سمع بالمسلمين، فأرسل إلى موسى بن النصير وطلب منه اللقاء، وبالفعل التقى به وتحدث معه عن قصّته مع قبائل القوط الألمانية وأن قومه وأهله ما زالوا في الأندلس، طالباً منه الدخول إليها وطـ.ـرد قبائل القوط منهم.

وبجميع الأحوال، فقد أجمعت الروايات التاريخية على أن ليليان أو “جوليان” كان قد استعان بالمسملين لمساعدته على فتح الأندلس وتحرير أهله من قبائل القوط التي قيل أنها ألمانية الأصل، وأنها كانت وافدة للأندلس وليست من سكانها بالأصل.

مهمة لاستطلاع الأوضاع في الأندلس.. الأمازيغي طريف بن مالك

فأرسل موسى بن النصير ما دار بينه وبين ليليان إلى الخليفة الوليد بن عبد الملك ويستأذنه بالدخول إلى الأندلس، ولما أذن له الخليفة، ذهب موسى إلى رجل أمازيغي يدعى طريف بن مالك، وطلب منه أن يذهب إلى الأندلس ويتحقق مما قاله ليليان.

وبالفعل ذهب طريف برفقة مجموعة من الرجال، متجهاً من البحر عبر جبل طارق، وذهب إلى جزيرة موجودة في جنوب الأندلس تسمى “طريف” وهي ما زالت تسمى حتى اليوم لدى الإسبان باسم “طريفة” نسبة لطريف بن مالك.

دخل طريف بن مالك الأندلس وشاهد كيف تعيش قبائل القوط الألمانية، وأساليبها في القتـ.ـال وغير ذلك من المعلومات اللازمة عن طريقة حياتهم، وعاد لموسى بن النصير وأخبره بما رأه ومن أن القوط قومٌ لا يعرفون دين ويأكلون حتى البشر.

اختار موسى بن النصير طارق بن زياد لمهمة فتح الأندلس، وزوّده بالسفن وحوالي 7 آلاف من جيش المسلمين، واتبع طارق بن زياد الطريق التي أعطاه إياها طريف بن مالك، إلى أن وصل إلى شواطئ الأندلس.

بدأت أول مواجـ.ـهة مع فئة صغيرة من قبائل القوط، يقدر عددها بحوالي 13 ألف، فواجـ.ـههم طارق بن زياد وانتصر عليهم وبات له موضع قدم في الأندلس.

بعد أن انتصر طارق بن زياد عليهم، اتجه بقية القوط إلى طليطلة، والتي كانت عاصمة الأندلس أثناء حكم القبائل القوطية لها، وأخبروا الحاكم الذي كان يدعى “ريدريغو” بما حدث من وصول المسلمين إليهم وأنهم أخذوا جزءاً من أرضه.

بعد أن سألهم عن تعدادهم، وأخبروه أنهم 7 آلاف فقط، فطلب ممن لديه أن يحضروا له 7 آلاف حبل كي يعود بجميع المسملين معه إلى بلاده، وجهّز لهم جيشاً قوامه 100 ألف وخرج نحو المسلمين.

لما علم طارق بن زياد بقدوم “ريدريغو” إليه مع 100 ألف من الجند، أرسل إلى موسى بن النصير يطلب منه المدد، فأرسل له موسى بن النصير 5 آلاف ليصبح جيش طارق بن زياد 12 ألف.

رأى الرسول محمد في منامه فبشره بالنصر

روى ابن الأثير في كتابه “الكامل في التاريخ” أن طارق بن زياد، وعند عبوره للبحر متجهاً لفتح الأندلس غلبه النعاس قليلاً، فجاءه النبي “صلى الله عليه وسلم” في الحلم برفقة مجموعة من صحابته الأبرار من المهاجرين والأنصار، وقد تقلدوا السـ.ـيوف وتنكبوا القِسِيَّ.

وبالفعل، استمرت المعـ.ـركـ.ـة بين جيش المسلمين وجيش ريدريغو حوالي 7 أيام، ويقال أن لوائين من ألوية ريدريغو انسحبوا بسبب طول المدة، إلى أن تمكن من هـ.ـزيـ.ـمة رودريغو وجيشه.

وقد ذكرت عدة مصادر تاريخية أوروبية أن الأوربيين لم يستطيعوا حينها تفسير أمر انتصار 12 ألف من المسلمين على 100 ألف فارس من القوط في بلادهم وعقر دارهم، وفي أرض عرفوها وألفوها.

بدأ طارق بن زياد بعد ذلك بفتح المدن الأندلسية، وأرسل إلى موسى بن النصير، وطلب منه أن يدخل الأندلس مع من معه لمشاركته بالفتوحات.

وبدأ طارق بن زياد ومن معه يفتح المدن من الشرق وموسى بن النصير مدن الغرب إلى أن التقوا في طليطلة ودخلاها معاً، ثم قرروا أن يتجهوا إلى فرنسا.

ويقال أن موسى بن النصير كان يفكّر أن يعود إلى عاصمة الدولة الأموية في دمشق عن طريق أوروبا، وفي تلك الأثناء أتاهم رسول من دمشق يخبرهم بأن عهد الوليد بن عبد الملك قد انتهى بوفـ.ـاته وبدأ عهد سليمان بن عبد الملك الذي يطلب منهم العودة إلى دمشق.

وبالفعل، تركوا الجيوش، وأمروا بعض الأمراء على المدن وذهبوا إلى سليمان بن عبد الملك، ولما وصلوا إليه طلب منهم أن يوقفوا مهمتهم في الأندلس، وعيّن غيرهم، ويقال أن سليمان بن عبد الملك خـ.ـاف من أن يغتـ.ـروا ويدخلوا مجالات اوسع وتنكـ.ـسر عـ.ـصا المسلمين هناك.

وتعتبر وفاة طارق بن زياد وفـ.ـاة غـ.ـامضة في التاريخ، وتقول إحدى الروايات أنه بعد أن طلب منه سليمان بن عبد الملك إيقاف الفتوحات، اعتـ.ـزل الحياة العامة وبدأ يرتاد المساجد بكثرة إلى أن توفّاه الله في عام 720 للميلاد بدمشق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى